الريادة

حين يتحول العمل الثقافي إلى غنيمة سياسية!/ عبد الله الداي مسعود

في الوقت الذي كانت فيه مدينة ألاك تستعيد أنفاسها عبر مبادرات شبابية ونسوية أصيلة، تسعى بعض الجهات – المعروفة بأساليبها الانتهازية وبتاريخها في زرع الانقسام – إلى تحويل النشاط الثقافي والاجتماعي إلى واجهة دعائية، وتفريغه من مضمونه النبيل.

فقد بدأت محاولات حثيثة على مستوى العاصمة نواكشوط لإقناع شخصيات سياسية بالمشاركة في فعالية يُراد لها أن تظهر في شكل “مهرجان”، بينما هي في حقيقتها إعادة إنتاج لخطاب التمييع والاختزال، بعد أن عمد المنظمون إلى استغلال رمزية إنجازات ألاك التاريخية – التي تُعد مفخرة لكل الموريتانيين – كستار لتسويق أجنداتهم الشخصية، وتشويه العمل التطوعي والثقافي النبيل الذي ظل بعيدًا عن الاصطفافات الضيقة.

والمقلق أن هذا التحرك الجديد يسعى للتشويش – بوعي أو بغير وعي – على روح العمل التطوعي النقي، الذي كان عنوانًا لسنوات من البذل والعطاء في مدينة ألاك، خاصة من خلال المبادرات التي تقودها نساء مؤمنات بقدرة المجتمع على النهوض بعيدًا عن الاستغلال السياسي الضيق.

لقد كانت المدينة تحتضن في السابق مهرجانات ناجحة تُنظمها كفاءات نسائية معروفة بنشاطها الميداني، عبر جمعيات جامعة لأبناء وبنات ألاك، لكن قوى الهيمنة تدخلت في الوقت الخطأ لتصدر وثائق “تحرّم” النشاطات بدوافع سياسية لا تخفى على أحد، لمجرد أن صاحبة المشروع “ليست من جماعتهم”.

إن تحويل المبادرات الثقافية إلى أدوات انتقائية، واستهداف النخب الشبابية الطامحة للارتقاء بالمدينة، يُعد خطرًا حقيقيًا على الروح الجماعية التي بدأت تتشكل.

كما أن استخدام النفوذ لتعطيل المشاريع غير المحسوبة على تيار معين يُضعف الثقة في أي حديث عن التنمية المحلية.

ومن هذا المنبر، نوجّه رسالة صادقة لكل الشخصيات من مقاطعة ألاك:

المشاركة في هذه الفعالية المزعومة تعني – للأسف – الاصطفاف مع مشروع يعمّق الفوارق، ويُضعف فرص الوحدة والتكامل.

كما تمثل دعمًا ضمنيًا لاستمرار تهميش المدينة وتضييع طاقاتها لصالح أجندات ضيقة، أثبتت فشلها في أكثر من محطة.

إن مدينة ألاك لا تحتاج إلى المزيد من العبث السياسي المتستر بثوب الثقافة، بل تحتاج إلى مبادرات حقيقية، جامعة، نزيهة، تدفع نحو الإبداع والعدالة وتكرّس روح الانتماء والتنوع لا الإقصاء والتصنيف.

ندعو كل الغيورين على هذه المدينة – من النخب، والشباب، والفاعلين المدنيين – إلى الوقوف صفًا واحدًا في وجه مشاريع التمييع، والفرز المجتمعي، والانحراف بالثقافة نحو مسارات غير مشرفة.

الرهان الحقيقي ليس في عدد الحضور، بل في نوع الفكرة، ونظافة اليد، ونُبل الغاية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية