
الريادة: خيمت سحابة سوداء على مستقبل أسواق المال في الولايات المتحدة، حين هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة خصمه رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي جيرم باول، بقرار لا يكلفه أكثر من “جرة قلم”.
وصرح ترامب للصحافيين في المكتب البيضاوي بلهجة المتحدي: “إذا أردتُ رحيله، فسيُغادر بسرعة، صدقوني. أنا لستُ راضياً عنه”.
واشتد غضب ترامب من باول، بسبب رفض الأخير لمطالب الأول المتكررة بخفضٍ سريعٍ لأسعار الفائدة، وهو ما قد يُسهّل على الأمريكيين الاقتراض لشراء المنازل، ويُحسّن ثقة المستهلكين ويُعزز الأسهم، وفق تحليل لشبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد أجرى 3 تخفيضاتٍ متتاليةٍ لأسعار الفائدة العام الماضي، بعد أن أوصل التضخم إلى مستوى قريبٍ من الهدف. لكنه أوقف هذه الاستراتيجية مؤقتاً، وسط مخاوف من تنامي حالة عدم اليقين الاقتصادي، والتي تفاقمت بسبب قيادة ترامب المتقلبة منذ توليه منصبه مطلع العام الجاري.
كبش فداء
وأصبحت علاقة الخصمين على المحك، أمس الخميس، بعد تحذير باول في اليوم السابق من أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى مزيد من التضخم، وارتفاع في معدلات البطالة، وتلك أعباء “سيدفعها الشعب”.
وبدا باول غير آبه بسياسات ترامب، وتعارضت تصريحاته بالمطلق مع اعتقاد الرئيس الغريب في القوة الغامضة التي تتمتع بها الضرائب على الواردات، وإصراره على أن مثل هذه الاستراتيجية لن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتمرير التكاليف المرتفعة للمستهلكين.
ويفسر الخبراء لهجة ترامب المتشددة حيال باول، ببحثه عن “كبش فداء”، في حال فشلت استراتيجيته في الحرب التجارية، وعجز عن إبرام صفقات مع الدول التي يستهدفها بالرسوم الجمركية.
وقال بيتر توخمان، وهو متداول في وول ستريت،: “إذا استمرت الأمور في التدهور ولم يتم التوصل إلى اتفاق، فسيُلقي باللوم في تباطؤ السوق على باول، ويقول إن ذلك كان بسبب عدم خفضه أسعار الفائدة”.
السناتور إليزابيث وارن، وهي من أبرز الديمقراطيين في لجنة الشؤون المصرفية بمجلس الشيوخ الأمريكي، وتعد من أشدّ منتقدي باول، لكنها تجادل بأهمية بقاء رئيس الاحتياطي الفيدرالي في منصبه.
انهيار مؤجل
وقالت وارن، “تشاجرتُ معه بانتظام حول كلٍّ من اللوائح وأسعار الفائدة، لكنني أتفهم هذا: إذا استطاع رئيس الولايات المتحدة إقالة الرئيس باول، فسيؤدي ذلك إلى انهيار الأسواق في الولايات المتحدة”.
وجادلت السناتور عن ولاية ماساتشوستس، وهي أستاذة قانون سابقة بجامعة هارفارد، بأن قوة النظام المالي الأمريكي تعتمد على فكرة أن “الأجزاء الكبيرة تتحرك بشكل مستقل عن السياسة”.
وأضافت: “إذا كانت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خاضعة لرئيسٍ يُريد فقط التلويح بعصاه السحرية، فهذا لا يُميزنا عن أي ديكتاتورين آخرين حول العالم، حيث يعلم الجميع أن مخاطرة استثمارك الكبرى تكمن في: هل سيستيقظ هذا الديكتاتور في الصباح ويعاني من ألم في المعدة ويقرر التسبب في هذه المشكلة؟”.
وتفاقم غضب ترامب على باول بعد أن خفص البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة السابعة خلال عام، مما دفعه إلى التساؤل عن سبب عدم اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي لموقف حازم مماثل.
وعلى صفحته على منصة “تروث سوشيال”، أثار ترامب التوقعات بإمكانية إقالة باول بقوله، إن “إقالته لا تُتوقع في الوقت المناسب”.
وتُناقض هجمات الرئيس الأمريكي سجل باول الحافل بالإنجازات، فقد كانت إدارته للاقتصاد الأمريكي ثابتة خلال فترة مضطربة شملت جائحة كوفيد-1،9 والأزمة المالية التي تلتها.، ونجاحه في خفض التضخم من أكثر من 9% إلى معدله الحالي البالغ 2.4% دون التسبب في بطالة واسعة النطاق.
وتولى باول رئاسة الاحتياطي الفيدرالي عام 2018 بعد أن رشحه ترامب. وأعاد الرئيس السابق جو بايدن تعيينه عام 2022، وتنتهي ولايته الحالية في مايو (أيار) 2026.