الريادة

تعرف إلى أشهر مقولة مسرحية خلدتها الفلسفة

تخلد بعض المقولات والجمل التي ترد في الأعمال الأدبية والمسرحية بسبب قوتها وتأثيرها في الناس، فترسخ في أذهانهم، فمنها ما يصبح مثلاً يضرب، ومنها ما يصبح حكمة تردد وتعين على الحياة.

«الجحيم هم الآخرون»، من أشهر المقولات الفلسفية للمفكر الفرنسي جان بول سارتر «1905 1980»، وهو فيلسوف وروائي وكاتب مسرحي وكاتب سيناريو وناقد أدبي وناشط سياسي، وله العديد من الأعمال المسرحية أهمها: «الأيدي القذرة»، و«الذباب»، و«سجناء الطونا».

المفارقة أن العبارة الشهيرة «الجحيم هم الآخرون»، لم ترد في أحد النصوص الفكرية لسارتر، رغم أنها ظلت تردد على أساس أنها أحد أهم مقولاته الفلسفية، بل جاءت من أحد أشهر مسرحيات سارتر وهي «الأبواب المقفلة»، وكذلك ظهرت تلك المسرحية في بعض العروض بعنوان «الجحيم هم الآخرون»، نسبة لأن تلك المقولة هي الأساس الفكري للعمل، كما أنها خلاصة المعنى الذي تريد أن تقدمه المسرحية.

والمسرحية تحكي قصة ثلاثة أشخاص «امرأتان ورجل» يعيشون في أجواء من الجحيم، حيث ظلوا ينتظرون في غرفة مغلقة، ولا يعلمون ماذا سيحدث لهم، وأثناء الانتظار يشرعون في الحديث، فيبدأ كل شخص بمساءلة الشخصَين الآخرين، ويسألهما عن الذنوب التي اقترفاها، وما إلى ذلك. كان الثلاثة ينتظرون الجلاد؛ ولكنه لا يأتي، فظن كل شخص أن الجلاد واحد منهم، وفي تلك الغرفة المغلقة ليس ثمة أمل في الخروج، وكانت واحدة من المرأتين تسأل الأخرى: ألستِ خائفة؟ فتجيب: سأخاف لو كان هناك أمل، ويحتدم النقاش بين الثلاثة إلى حدٍّ مؤلم، يحاول كل واحد منهم الهربَ، ليس من جحيم الغرفة المغلقة بل من الآخر، من نظراته واتهاماته، لقد كان كل شخص يتغلغل في كينونة الآخر وينبشها ويعبث بأسرارها، وليس لأي أحدٍ مهرب من الآخر، حيث أن القدر جمعهم معاً.

المقولة وردت على لسان أحد أبطال المسرحية وهو جارسيان، الذي ظل يصرخ وهو يضرب الباب بقبضة يده: «افتحوا أرجوكم افتحوا، إني أرضى بكل عذاب، بالكلّابات والرصاص المذوب والملاقط وكل ما يحرق ويمزق، أريد أن أتألم ألماً حقيقياً»، وفجأة ينفتح الباب، ولكن جارسيان يصاب بالهلع ولا يخرج، ويظل الجميع في الغرفة ويستأنفون الثرثرة المؤلمة، وكأنه مقدر لهم أن يكونوا مع بعض، وأن يعذبوا بعضاً، فيقول جارسيان وهو يضحك بسخرية: «إذن هذا هو الجحيم.. إنه ليس النار والحطب والحرق، إنه الآخرون».

أصبحت العبارة إحدى المقولات الأساسية في فلسفة سارتر والذي وظل يؤكد عليها باستمرار و يقول: «هناك نسبة كبيرة من الناس تعيش في الجحيم لأنها تعتمد كثيرا على رأي الآخرين».

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية