الريادة

الريادة.. تنفرد بمقابلة مع الخبير القانوني بلال ولد الديك عن رأيه في قانون حماية الرموز (مقابلة)

الريادة: انفردت مؤسسة الريادة الإعلامية بحوار خاص مع الخبير القانوني، والمحامي بلال ولد الديك، دار حول الجدل الذي أثاره قانون حماية الرموز الوطنية والحفاظ على هيبة الدولة.

ولد الديك وفي حواره شكر مؤسسة الريادة على اختيارها للموضوع الذي يشغل الساحة، مثمنا حرص المؤسسة على أخذ رأي الخبراء القانونيين في هذا المجال. مذكرا بأنه ناشط حقوقي ومحام ممارس، يسعى لإنارة الطريق في هذا المجال.

وفي رده على سؤال عن الثغرات الموجودة في قانون حماية الرموز، قال ولد الديك إنه: “طالع القانون.. وأن أي قانون بالطبع لا يخلو من ثغرات، لأنه عمل بشري، وعلى ذلك الأساس فإنه ومهما اجتهد البشر في انتاج أي قانون خال من الشوائب، ستظل فيه هانات وثغرات، مشيرا إلى أن هذه الثغرات قد تكون بسبب إعداد النص ، وعدم الأخذ بالكثير من المعطيات، منبها إلى أن أي قانون لا بد أن يأخذ بعين الإعتبار كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وأضاف “أن الجدل الذي ثاره هذا القانون كان بسبب عدم دقة بعض المصطلاحات الواردة فيه. مذكرا بأن المادة الجنائية تتميز عن غيرها من المواد بأنها لاتنحصر في مجال واحد، على العكس من بقية القوانيين التي يتحدد مجالها مثل: مدونة الأحوال الشخصية، والقانون التجاري، والإداري، حيث تختلف القاعدة الجنائية عن بقية القواعد من حيث إنها تنظم احترام المؤسسة واحترام الدولة، ويضع عقوبات للجرائم المحتملة، واصفا القاعدة الجنائية بأنها قاعدة تحد من الحريات، وتقوم على مبادئ وأسس مقيدة، بحيث لا يمكن أن يتم تجريم أي فعل إلا بشكل واضح ودقيق.

مؤكدا على أن سبب الجدل هو عدم تحديد ماهو الرمز؟ حيث أن لهذا المصطلح مدلولات اجتماعية وثقافية ومؤسسية مختلفة، وبالتالي لا بد لها من الفحص والتدقيق حتى يتم تحديد مفهومها بطريقة يكون بها الرمز واضحا ومعروفا، فالعوقبة المترتبة على التنقيص منها تتطلب تحديدها بشكل واضح ومعروف، فالمؤسسات الدستورية رمز والعلم الوطني رمز وحتى المواطن كذلك هو أيضا رمز، وهذا اللبس هو ماسبب كل هذا الجدل، فالقاضي الجنائي لا يؤول النصوص بل يحكم وفق ما يرى ووفق ما تنص عليه القوانين.

وأشار ولد الديك إلى أنه كان يفضل أن يراجع القانون الجنائي وتضاف له هذه النصوص، لأن معظمها كان موجودا في القانون الجنائي، مثل حماية الشعائر الدينية والموظفين والمؤسسات الدستورية، وبالتالي فإن مراجعة هذه القوانين كانت أولى من إعداد قانون جديد.

الريادة: هل حقا يكرس هذا القانون الإستبداد، ويقلص من الحرية؟

ولد الديك: أنا لا أرى أن هذا القانون يقيد الحريات ويكرس الاستبدادية، والسبب هو أن القانون الجنائي يرسم الحدودا النهائية للحريات، ولا يعني رسم حدود للحريات تقييدها بالضرورة فالإنسان يمارس حريته كما يشاء، قبل أن يصل الحدود التي وضعها القانون الجنائي لهذه الحريات، وهذه الحدود لا تعني تكميم الأفواف، وتعطيل الممارسة الديمقراطية.

إن هذا القانون ذكر في جميع مواده القصد الجنائي، ويعني تصرف الفرد بشكل جاد والصادر بقصد زعزعة الأمن، وهو بمعنى آخر تصرف يقصد به المساس من الرموز واستقرار البلد، فالقانون لا يعاقب على الأفعال الغير مقصودة، وصاحبها غير مجرم، وكذلك فإن النقد البناء والآراء المعارضة الجادة لا تعتبر مساسا بالرموز، وعليه فإن الحريات مصانة، لكن من أقدم على عمل يهدف إلى المساس من الأمن تنبغي معاقبته.

وكما أسلفت فإن هذه النصوص كانت موجودة في القانون الجنائي وكان ينبغي فقط مراجعتها وإضافة النواقص الموجودة فيها.

وبالتالي فإن هذا القانون يواكب التطورات التي شهدتها البشرية على مستوى التواصل، خصوصا بعد دخول الهواتف ووسائل التواصل الإجتماعي حياتنا بجميع تفاصيلها، وعليه فإنه ينبغي أن يوجد قانون ينظم الأفعال المرتكبة بهذه الوسائل، خصوصا أن القانون الجنائي تم اصداره في 1983 وبالتالي لم يواكب هذه الأفعال وهذه التصرفات، وعليه فإن استحداث هذا النوع من القوانين مهم لتجريم ما بتنا نعيشه من تسريب وسب وشتم على مواقع التواصل الاجتماعي.

الريادة: في حال كان هذا القانون سيجاز من البرلمان، ما توقعكم لوضع البلد بعد بدء تنفيذه؟

ولد الديك: فيما يتعلق بإيجاز النص من طرف البرلمان، فإن ذلك يعني أنه دخل تلقائيا في المنظومة القانونية للبلد، وأذكر بأن هذا القانون أتى بجديد هو أن وكيل الجمهورية يحق له التدخل تلقائيا، ذلك أن هذا القانون يبيح لوكيل الجمهورية تحريك الدعوى القضائية ضد مخالف هذه النصوص، كما يمكن تحريك الدعوى القضائية من طرف آخر كالرموز مثلا.

الريادة: هل تداخل هذا القانون مع قوانين أخرى، يكون نقطة عرقلة؟ أم مجرد تكامل؟

ولد الديك: فيما يتعلق بالتداخل، لا أعتقد أنه قد يسبب مشكلة، فالتجريم في المسطرة الجنائية يتدرج، فالمتابعة قد تكون دنيى وقد تكون قصوى، فالأفعال المنسوبة هي التي تحدد المتابعة، وعليه فإن علاقة هذا القانون بالقوانين الأخرى ستكون هي علاقة تكاملية، فالأفعال هي التي ستحدد هل سيستخدم هذا القانون أم قانون مكافحة الجريمة السبرانية، أم قانون الكراهية.

وأذكر هنا أنه عادة ما تتقاطع القوانين فيما بينها فمثلا لو نظرنا إلى القانون المدني والقانون التجاري والقانون الإداري لوجدنا فيه نصوصا جنائية منعزلة عن القانون الجنائي، وعليه فإنه لا تداخل لأن االتنفيذ سيتم انطلاقا من الأفعال المنسوبة.

وفي الأخير أحب أن أنبه إلى مسألة مهمة هي أن أي قانون مهم يجب أن يصاحبه تحسيس بأهميتها، وبما أن هذا النصوص جاءت في وقتها، ونحن بأمس الحاجة لها فإنه كان ينبغي أن تقوم عملية تحسيس تشرك فيها النيابة العامة، وجميع الشركاء كالمجتمع المدني، والصحافة التي لها دور مهم في خلق الرأي العام، وهذا كان الحملة التحسيسية كان ينبغي أن تقام لجميع النصوص القانونية التي تم اصدارها.

ولا شك أن التحسيس بهذه النصوص ستجنى ثماره ويتحقق المراد منه وهو احترام الرموز بصورة عامة، ففعلا كان لا بد من إيجاد نص يقف في هذه الخطابات التي تستهدف تجزأة الدولة.

الريادة: شكرا لك على هذه الإجابات الشافية والوافية، والتي أنرت بها الطريق لكل من كان يبحث عن تفاصيل هذا القانون المثير للجدل.
ولد الديك: شكرا لكم على هذه السانحة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية