الريادة

السياسي ولد الهادي: المشهد السياسي يعرف ضبابية كبيرة، وعلى المعارضة إظهار جديتها (مقابلة)

السياسي: محمد فاضل الهادي

الريادة ـ مقابلات ـ قال الناشط السياسي محمد فاضل الهادي إن الوزير الأول محمد بلال مسعود أفسد مخطط الرئيس في المصالحة و الانفتاح بنكرانه لوجود أزمة سياسية في البلد، معتبرا أن هذا التصريح سيحتم على المعارضة أن تظهر جديتها في تشخيص الأزمة التي يعاني منها البلد للضغط على النظام للجلوس إلى طاولة الحوار و هو ما سيجعلها تراجع علاقتها به.

و في سؤال له حول الوضع السياسي في البلد أكد ولد الهادي أن الوضع ضبابي و أن الاجماع الوطني الذي تحدثت عنه الاغلبية كشعار لها بدأ يتبخر.

و فيما يلي نص المقابلة :

 الريادة : بداية مرحبا بكم ضيفنا العزيز،

الضيف : أهلا و سهلا

الريادة : كمدخل لهذه المقابلة نود منكم إطلاعنا بشكل مختصر على قراءتكم للوضع السياسي العام الذي تعيشه موريتانيا اليوم.

الضيف : شكرا لكم على الاستضافة، في نظري أن الوضع السياسي العام يشهد ضبابية بسبب الغموض الذي يلف العلاقة بين النظام و المعارضة. فالنظام يحاول جاهدا اقناع المعارضة بأنه مختلف عن سابقيه و أنه يريد العمل المشترك و التعاون على حل القضايا الكثيرة المطروحة في كافة المجالات.

لكن المعارضة بدأت بالفعل تكتشف أن النظام لا يختلف كثيرا عن سابقيه، و ربما لا تكون الرؤية واضحة لديه بسبب المشاكل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي يواجهها معززة سلبا بجائحة كورونا التي تلقي بظلالها على البرامج التي التزم الرئيس محمد ولد الغزواني بتنفيذها لصالح الشعب.

الريادة : الرئيس ولد الغزواني التقى مرارا قيادات معارضة و أصر على الانفتاح السياسي، ألا يكفي هذا بالنسبة للمعارضة ؟ أم أن هناك ما على الرئيس فعله تجاه المعارضة و لم يقم به إلى اليوم ؟

الضيف : في نظري أن الانفتاح السياسي ما يزال في مراحله الشكلية و لقاء الرئيس مع القيادات و الزعامات المعارضة لا يكفي لوحده، لا بل أذهب إلى القوم أن التزامات الرئيس للمعارضة ستبقى مجرد وعود سياسية شكلية ما لم تشعر المعارضة بأخذ تصوراتها و رؤاها حول القضايا الكبرى و اعتمادها بشكل فعلي.

الريادة : المعارضة ثمنت الكثير من الاجراءات التي أقدم عليها الرئيس ولد الغزواني خلافا لما كان يجري في عهد الرئيس السابق ولد عبد العزيز، هل هذه الاجراءات في نظركم تستحق التثمين ؟

الضيف : مثل ماذا تقريبا ؟

الريادة : مثلا الإنفتاح، و مساعيه لتوحيد الصف، و أيضا المظالم التي ورثها على نظام ولد عبد العزيز.

الضيف : في الحقيقة التثمين الذي قامت به المعارضة يعتبر بالنسبة لي مناورة سياسية فالمعارضة تعرف جيدا أنها تؤثر في الرأي العام و لو جزئيا، و تريد أن تقابل ما أقدم عليه الرئيس بالتثمين لعل ذلك يشجعه هو و نظامه للمضي قدما في ذلك الاتجاه.

لكن من منظور عام تبقى المعارضة تحتفظ بحقها في تغيير مسار توجهها حسب مستوى تقدم الخطوات السياسية الايجابية التي يقوم بها النظام.

أما ما يتعلق بعدم تثمين المعارضة في عهد نظام الرئيس السابق لما أنجزه ذلك النظام، فأعتقد أن القطيعة و الجفاء السياسي بين النظام آنذاك و المعارضة كانت المسبب الرئيسي للتغاضي الذي تعاملت به المعارضة في ذلك العهد مع ما ينجز من أمور إيجابية، و خاصة أن الانجازات في المجال السياسي لم تكن المعارضة طرفا فيها بسبب تلك القطيعة.

الريادة : هل كانت المعارضة بنظركم تعارض شخص الرئيس ولد عبد العزيز، بينما الآن هي تعارض نظام يستمع إليها و يسعى للانفتاح عليها؟

الضيف : في نظري القول بمعارضة المعارضة لشخص ولد عبد العزيز أمر فيه عدم فهم للواقع السياسي الذي كان سائدا في عهد نظام ولد عبد العزيز، ثم إن الرئيس السابق كان متعنتا و عنيدا و كان نظامه يسعى للجفاء بينه و المعارضة بشكل كبير.

حتى أن العداوة في عهده بلغت حدا جعل قضايا الوطن الكبرى ضحية لتلك العداوة التي تجاوزت المجال السياسي لتصل العداوة بين الأشخاص مع الأسف.

أما عن الانفتاح فهو بالفعل أحد الأسباب التي تجعل المعارضة تخفف من لهجتها التصعيدية، بطبيعة الحال نحن هنا نتحدث عن المعارضة التقليدية من أحزاب سياسية و نقابات و مستقلين معارضين. ففي نظري هناك معارضة أخرى قد لا تكون ممثلة بشكل فعلي في المشهد السياسي الرسمي، لكنها موجودة على شكل تجمعات و قوى و لها حضور قوي في المشهد و قد تشكل المعضلة الكبرى لنظام ولد الغزواني.

الريادة : مالذي يمكن أن تفعله هذه المعارضة الغير مصنفة بنظركم ؟

الضيف : هذه المعارضة تلامس بشكل كبير هموم المواطنين و مرفوع عنها الحرج السياسي الذي تتعرض له المعارضة التقليدية بسبب الاكراهات الحزبية و كذلك بسبب التراكمات التي لديها.

هذه المعارضة في نظري تستقطب بشكل كبير القوى الحية و تعبر بشكل واضح عن واقع الناس و تظهر الاختلالات على منابر أكثر استقلالية و هي بالفعل في الوقت الحالي المهيمن على المشهد، بسبب الهدنة بين النظام و المعارضة.

الريادة : يظهر نظام ولد الغزواني بشقيه التنفيذي و السياسي بعض المرونة في التعاطي مع هموم الناس و مشاكلهم و قضايا الرأي العام، هل هذا جديد و هل يحسب له بالفعل ؟

الضيف : في هذا ما هو جديد و يحسب له و فيه أيضا ما ليس بالجديد و ما لا علاقة لإرادة النظام به.

سأذكر لكم من ضمن ما هو جديد تعاطي القطاعات الحكومية مع ما يثار في الرأي العام من قضايا، و لجوء القطاعات الحكومية للإعلام من خلال انشاء خلايا اعلامية تابعة لها و تسمية اعلاميين في مناصب مستشارين اعلاميين، و هذه بالفعل اجراءات جديدة و حميدة.

أما تعاطي النظام مع ضغط الرأي العام و قضاياه فهو أمر ملزم له ما لم يرد تأزيم الوضع أكثر.

ثم إن تعاطي النظام في بعض الحالات كان شكليا مع الاسف كما حدث مع بعض القضايا الاجتماعية العاجلة كالتكفل بالمرضى في الخارج و هو ما ظهر في قضيتي المرحومة الاعلامية جميلة محمد الهادي و الشاب ولد أحجور كمثال لا للحصر.

الريادة : رحمهما الله تعالى، دعنا نتوجه لحصيلة عمل الحكومة للعام 2020 التي أعلن عنها الوزير الأول، برأيكم هل كانت هذه الحصيلة مشرفة حسب الظروف التي صاحبتها ؟

الضيف : في نظري أن حصيلة عمل الحكومة في المجال الاقتصادي كانت مقبولة جدا، بل إنها كانت فوق التوقع خاصة في ظل انعكاسات كورونا على العمل الحكومي بشكل خاص و على الاقتصاد بشكل عام.

لكن في الشق السياسي أعقتد أن الوزير أفسد مخطط الرئيس في المصالحة و الانفتاح بنكرانه لوجود أزمة سياسية في البلد. و بطبيعة الحال هذا التصريح سيحتم على المعارضة أن تظهر جديتها في تشخيص الأزمة التي يعاني منها البلد للضغط على النظام للجلوس إلى طاولة الحوار و هو ما سيجعلها تراجع علاقتها به.

و لعل الوزير الأول أراد أن يبرز إجماع الموريتانيين و خاصة المعارضة إجماعا كليا وطنيا على برنامج الرئيس محمد ولد الغزواني، و هو اجماع من المتوقع أن يتبخر كشعار بسبب تصريحات الوزير الأول و بسبب كذلك التصريحات السياسية للمعارضين التي أعقبت مداخلات الوزير الأول و نقاشه الحصيلة في البرلمان.

الريادة : لنختم بسؤال حول موقعكم السياسي حاليا، فقد كنتم مكلفا بمهمة في حملة المرشح سيدي محمد ولد ببكر في الانتخابات المنصرمة، هل ما زلتم في نفس الموضع السياسي ؟

الضيف : تجربتي مع المرشح سيدي محمد ولد ببكر كانت غنية و مثمرة ، لكن عالم السياسة لا يحب الجمود، و قد جمد المرشح انشطته لتفرة طويلة جعلت من الصعب انتظاره، و هو ما جعلني أعلن دعمي للرئيس الحالي شريطة أن يقوم بما يجب عليه تجاه القضايا التي تهمني خاصة منها ما يتعلق بالانفتاح على الشباب و التعاون معه على حل مشاكل البلد.

أعتقد أن ولد الغزواني قادر على القيام بما يجب، لكن تنقصه لحد الساعة بعض الاجراءات الضرورية مثل اشراك الشباب في التعويل عليهم بشكل جدي و فعلي و تنقية محيطه من الحرس القديم.

و هي أمور إن تمت فسأكون سعيدا بمواكبة مشاريع ولد الغزواني أو حتى الانخراط في الحزب الحاكم.

الريادة : طيب، في ختام هذا اللقاء ما هي الكلمة التي يمكن أن تقدموها لأطراف المشهد السياسي :

الضيف : أعتقد أن المشهد السياسي يعرف ضبابية كبيرة و غموض في المواقف و التوجهات و الرؤى لدى النظام و المعارضة أيضا.

بالتالي فإنني أرى أنه على المعارضة أن تظهر مزيدا من التعاطي و الانسجام مع قضايا الرأي العام و أن تعود لعملها الطبيعي و تترك المهادنة الغير مجدية خاصة في ظل اصرار النظام على تقبل الحاجة الماسة لحوار وطني شامل.

النظام هو الآخر يجب أن يغير من طريقة تعاطيه مع المعارضة و أن يأخذ المسافة الكافية منها و أن يعترف بما يعانيه البلد من أزمات خانقة و يدخل بشكل عملي و تشاركي في مساعي حل المشاكل العالقة و هو أمر للأمانة متوقع حسب سلوكه فيما مضى من عهدة الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني.

الريادة : شكرا لكم ضيفنا العزيز على هذه الأجوبة.

الضيف : أهلا و سهلا بكم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية