الريادة

جدل حول استخدام مصر للأسلحة الأمريكية في سيناء

قالت مجلة “فورين بوليسي” إن الولايات المتحدة لم تكن قادرة على مراقبة الدعم العسكري الأمريكي لمصر من أجل مكافحة الإرهاب.

وتقول المجلة إن محدودية الرقابة تأتي وسط تفكير داخل البنتاغون بالخروج من سيناء بشكل كامل. واطّلعت المجلة على مراجعة أعدّتها وزارة الخارجية والتي تشير إلى نقطة غامضة تقلق الكونغرس وتحد من قدرة إدارة الرئيس دونالد ترامب عن التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب في صحراء سيناء في أثناء قتال تنظيم “الدولة”.

وقالت وزارة الخارجية إن مصر أعطت القوات الأمريكية العاملة في صحراء سيناء فرصا غير منتظمة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وأن القاهرة تقوم بشراء كميات كبيرة من السلاح الروسي والفرنسي بحيث يحد من معرفة الأمريكيين.

وجاء في التقرير: “نتيجة لهذا، فلا يعرف إن كانت المعدات ذات المنشأ الأمريكي قد استخدمت في العملية المحددة أو المناورة”، مضيفا أن القوات الأمريكية لا يسمح لها بمنفذ مستمر على الأرض في سيناء.

وأضاف التقرير: “تفتقد الحكومة الأمريكية بشكل عام المعلومات التي تربط مباشرة جهازا أمريكي المنشأ للانتهاكات المزعومة التي ترتكبها القوات المصرية لحقوق الإنسان الدولية أو القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وتشير المجلة إلى المديح العالي الذي كاله الرئيس دونالد ترامب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والذي وصفه بـ”ديكتاتوري المفضل” وواصل تقديم الدعم العسكري الأمريكي له و1.3 مليار دولار رغم الاحتجاج داخل إدارته بأن مسار مصر نحو الإصلاح قد تباطأ بسبب النزعة الديكتاتورية للجنرال السابق الذي أصبح رئيسا.

ولكن وضعية مصر كثاني أكبر بلد يحصل على الدعم الأمريكي، تعرضت لتدقيق وهجوم داخل الكابيتال هيل في السنوات القليلة الماضية، حيث حث المشرعون إدارة باراك أوباما وبعدها إدارة ترامب على محاسبة مصر على انتهاكات حقوق الإنسان في سيناء واعتقال المواطنين الأمريكيين والقانون الذي يحد من نشاط المنظمات غير الحكومية.

وفي تقييم أعدته الخارجية الأمريكية العام الماضي، وجد أن الحكومة المصرية “ارتكبت عمليات قتل تعسفية وخارج القانون” وأحيانا دونما خوف من المحاسبة، حيث ضاعف السيسي من عمليات مكافحة المخدرات والحد من تهريب السلاح في مناطق شمال سيناء القريبة من قطاع غزة. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش في عام 2019 إنها وثقت 20 حالة قتل خارج القانون لمعتقلين في شمال سيناء ارتكبت في السنوات الأخيرة.

وقال مساعد للسناتور الديمقراطي باتريك ليهي الذي حجز 105 ملايين دولار من المساعدات الأمريكية لمصر منذ عام 2018 إن نتائج التقرير تظهر فشل استراتيجية القاهرة لمكافحة الإرهاب، بالإضافة لمحدودية قدرة وزارتي الخارجية والدفاع لمتابعة فيما إن تسببت الأسلحة الأمريكية في قتل المدنيين، وإن كان هذا يعد خرقا للقانون الأمريكي.

وقال المساعد: “ما يجري هو مثال عن طريقة استخدام أسلحتنا لتنفيذ استراتيجيتنا التي لا تنجح ولا نعرف فيما إن كانت سببا بمقتل المدنيين”. وأضاف: “لقد اعترفوا بشكل مستمر بعدم معرفتهم المؤكدة عن كيفية استخدام الدعم العسكري. وتقول وزارة الخارجية إنها تحقق في تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان، فكيف يعملون هذا؟ وأين الدليل إن كان أمر كهذا قد تم؟”.

وجاء في تقرير وزارة الخارجية إن مصر لا تزال وبشكل “عام” ملتزمة ببرامج الولايات المتحدة التي تتابع عملية استخدام المعدات العسكرية الأمريكية. ورغم وجود وحدة مراقبين دولية تعرف باسم القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين التي تقوم بمراقبة الاتفاقية التي وقعت قبل أربعة عقود، لكن الوحدة تعاني من القيود اللوجيستية التي وضعها الجيش المصري عليها، حسبما يقول عسكري خدم بالمنطقة.

وتقول المجلة إن قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة تعتبر جزءا من مطار شرم الشيخ ظلت عالقة خلف القيود الأمنية المصرية والتي تطلب من القوات الأمريكية التوقيع لكي يسمح لهم الدخول إليها. وقال المسؤول: “المكان مغلق.. وعلينا أن نجلس أمام البوابة بانتظار ظهور المصريين”.

وفرضت الحكومة المصرية قيودا على المدنيين في شمال سيناء ولم تسمح للفرق الإعلامية بزيارة المناطق منذ عام 2018. ويقول مراقبون إن السماح بدخول الإعلام والمراقبين المستقلين يخدم كرادع للعنف بدلا من زيادة القوة المتعددة الجنسيات.

وقال أليسون ماكمانوس، الزميل في مركز السياسة الدولة العامة: “الموضوع الرئيسي هو عدم قدرتنا إدخال مراقبين مستقلين إلى هناك” و”لا يوجد هناك إعلام”.

وفي واشنطن، يتجه النقاش نحو عملية فك ارتباط أخرى. ففي الوقت الذي حدت فيه اتفاقية كامب ديفيد التي وقعتها مصر مع إسرائيل عام 1979 برعاية إدارة كارتر عدد القوات المصرية في سيناء، إلا أن الوضع القائم هناك يتجه نحو إعادة تركيز القوات الأمريكية، كما يأمل البنتاغون نحو التعامل مع الصين.

وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الشهر الماضي أن وزيرالدفاع مارك إسبر ينظر في تخفيض عدد القوات الأمريكية في سيناء البالغ عددهم 400 جنديا، خاصة بعد تراجع عمليات تنظيم “الدولة” في المنطقة.

فعلى مدى 11 شهرا من عام 2019 شن تنظيم “الدولة” 282 هجوما، وقتل 269 شخصا معظمهم من القوات المصرية، وهو رقم أقل من 337 عام 2018، و742 شخصا عام 2017.

ودعا عدد من المشرعين إدارة ترامب للحد من المساعدات الأمريكية لمصر؛ بسبب سجل السيسي الصارخ في انتهاك حقوق الإنسان. ولكن الإدارة مترددة في القيام بهذا، مع أن مصطفى قاسم المواطن الأمريكي قُتل في السجون المصرية، بالإضافة لعدد من المواطنين الذين لا يزالون في المعتقلات المصرية، وفكّرت بقطع 300 مليون دولار من المساعدات الأمريكية.

وقال وزير الخارجية مايك بومبيو لباتريك ليهي: “قد تصفهم بالطغاة أو الديكتاتوريين ولكن هناك فرق أساسي”. وقال: “بلا شك فقد كان المصريون شركاء أمنيين مهمين وساعدونا لمواجهة التهديد الإرهابي في سيناء الذي قلل من المخاطر على الولايات المتحدة”. ولكن جماعات حقوق الإنسان هي التي دفعت باتجاه وقف المساعدات العسكرية لمصر.

ويقول ويليام هيرتوغ، مدير مشروع الأمن والسلاح في مركز السياسة الدولية إن المنع “منطقي لأن مصر حاولت منع المسؤولين الأمريكيين والإعلام من دخول سيناء”.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية