الريادة

كيف يمكننا التغلب على تراكم المشاكل؟!/التراد ولد سيدي

التراد ولد سيدي
التراد ولد سيدي


إن بلدنا الجميل موريتانيا  تكاد تستغرقه المشاكل  بكل أنواعها ؛ لقد أحاطت المشاكل بنا من كل الجوانب حتى لم يبقى لنا شيء من عناصر كياننا  يسلم من مشاكل كبيرة كانت أو صغيرة نسبيا رغم تأثيرها .


فإذا نظرنا لوضعنا الإجتماعي نراه غير طبيعي ومكتنز بالمشاكل الضخمة التي لا يمكن استمرارها إذا شئنا ان نبقى ونتقدم ونزدهر، فلا يمكن استمرار العيش في مجتمع مفكك الأواصر متناقض العناصر، برغم ما يجمعه من وحدة الدين، والمذهب والعقيدة ، ووحدة الأصول العرقية، وتقاسمه لتجارب التاريخ التي وحدت الأمال، والآلام ، والمصير المشترك ، ومع كل ذل وعناصر أخرى إضافية تؤكد حجم المشترك بين عناصر الكيان العربي بمختلف تلونه وتنوعه، نرى العقلية الفاسدة المتحجرة تأنبى التزحزح قيد أنملة عن منطلقاتها الثابتة في تقسيم المجتمع إلى أشراف، ونبلاء ،وفئات دون ذلك من أبناء من كانوا عبيدا وابناؤهم المستمرين يحسبون دون مستوى النبلاء ، وهكذا هو حال الصناع التقليديين وحال فئات أخرى، لا تتمتع كلها بمستوى الشرف والنبل اللتين يحظا بهما الشرفاء وبعض حسان و الزوايا!!


إن بقاء المجتمع مقسما ومتناقضا يكم عليه بالبقاء  مريضا ممددا يعاني في غرفة العناية المركزة وبالتالي  سيتم الحكم عليه بالعطالة والتخلف عن المشاركة في مسيرة  المجتمعات العصرية  المتمنة بالمساواة الكاملة ، والأخوة والتضامن والنضال المشترك لإشباع رغبات الجميع الروحية والمادية  وآسعادهم وتوفير شروط الحياة الآمنة المطمئنة الرغدة الطيبة لهم جميعا دون استثناء أو تهميش!!  


وبالإضافة لما ذكرنا داخل المكون العربي فإن التمايز موجود ومستمر بتأثيره المقاوم للوحدة الضامنة للقوة والمنعة بين العنصر  العربي وأخيه الزنجي رغم مايجمعهما من روابط الدين والعقيدة ووحدة المذهب وتاريخ مشترك طويل وعلاقات أخوة وتصاهر وقرابات متعددة وتحالفات قديمة وجديدة ومصير مشترك واحد و بالإضافة لما بين الفئتين مما يوحدهما فإنهما تعانيان عددا من المشاكل متشابهة داخل الكيانين، ففي كل المكونين العربي والزنجي  توجد مشكلة تقسيم المجتمع إلى نبلاء وأتباع ذوو مستوى منخفض القيمة ويتطلب الواقع بنفس الإلحاح تقريبا تصحيح الوضعية في المكونين  ؛


هذه بعض مشكلاتنا الأجتماعية ولدينا في الوقت نفسه مشكلات أخرى غاية في الخطورة والأهمية، منها مشكلة البيئة التي في مرتبة متقدمة من الخطورة وشدة التأثير؛ وهناك مشاكل سياسية وثقافية واقتصادية، وكل مشكلة من مشكلاتنا تتركب من عناصر تستحق بحوثا عميقة وتحليلات ضافية وتفسيرات واضحة لاسبابها وحجومها وتأثيرها حتى يمكن استعاب جوانبها المختلفة التي لايسهل  إدراكها دون جهد جهيد ونظر عميق!!


من أخطر ما يهددنا من  مشاكل لايمكن تأجيل علاجها وبدؤ مايمكن عمله لوقف تدهورها واستمرار سوء حالها هي البيئة، لقد كان عملنا في ال٧٠ سنة من عمر دولتنا بالغ السوء لبيئتنا بحيث دمرنا بيئتنا ومحيطنا بشدة وفظاعة لم يشهد مكان في العالم لها مثالا!!  فما شهده وطننا من عبث ببيئته بكل عناصرها حيث كانت غابات ووديانا جميلة  خصبة وممتلئة بالحيوانات الجميلة والطيور النادرة والوحوش المتنوعة فاستمرينا مما قبل الاستقلال و استمرينا بعده  ندمر هذه الطبيعة ونبيد حيواناتها وطيورها   حتى أصبحت أراضينا اليوم صحاري وقفارا  تصعب فيها الحياة ؛ و قد نال بيئتنا البحرية الكثير من التلويث والاهمال  في الوقت الذي نهبت أحجام هائلة من الثروة السمكية بأصاطيل العالم بإذن وبلا إذن!! وإذا تمكنا في المستقبل من دراسة تأثير  الإهمال والتلويث اللذين تعرضت لهما البيئة البحرية  فقد نكتشف أمورا مذهلة،نسنتج ذلك انطلاقا من عناصر بسيطة ندركها  بالملاحظة وقياس مايجري في العالم على ما يوجد عندنا حيث لايوجد عندنا إلا الإهمال، فإذا نظرنا إلى جميع هذه المشاكل وإلى أسبابها فسندرك أن مصدرها الأوحد وليس الأهم هو عقليتنا وسوء تدبيرنا ، والتي ترتب عليهما سلوكياتنا و نشاطات جانبت في أكثرها الصواب. والتي في البداية  حرمتنا عقليتنا المتخلفة ، تحقيق الوحدة الحقيقية والأنسجام بين مكوناتنا، وجعلتنا عقليتنا الغريبة ندمر بيئتنا ونفني المخلوقات التي كانت تعج بها كل اراضينا دون أن ندرك سوء الفعل الذي نقدم عليه،بل كنا ونحن في شبه حملة تدمير لغاباتنا وإبادة لسكان بيئتنا من الغزلان والنعام نبدو في سعادة حقيقية كأطفال مغفلين!!


وقد حرمتنا عقليتنا المعوجة من التفكير الصحيح والعمل القويم في جميع مرحلة الاستقلال، فمن ينظر إلى حال البلد وتدهور الأمور في كل مناح الحياة ، يدرك  غياب العقل السليم والنظر المتبصر في جميع السياسات فتصرفات وتدابير حكامنا في كل المراحل وعبر كل الأنظمة ؛ وتسيير  المسؤولين الإداريين ومساطر وأحكام هيآتنا القضائية، وتسيير مديرى مؤسساتنا المركزية، وسلوك أمناء الخزينة ومحافظوا البنك المركزي،وجميع الطاقم المالي والرقابة المالية؛  ،يدرك دون صعوبة أن حكوماتنا المختلفة وفي عهد كل الرؤساء  وهيآتهم الإدارية والقضائية والمالية متشابهون  في سوء الحكامة من سوء التسيير والتحايل والأختلاس، وتبديد المال العام .فأكثريتهم لايهمهم إلا مصالحهم أكالون لمالايحق لهم ، متفننون في التملق لكسب ثقة من يحكم،  وفي الأحتيال على النظم والقوانين بمايمكنهم من تحقيق مصالحهم الشخصية والأسرية والقبلية فيما يتولونه ،وكلهم يدا واحدة فيما يضمن تنظيم النهب والسلب للمال العام ولكل المقدرات بسلاسة ومهنية وأريحية!!
إن أول ما يواجه المرؤ وهو يبحث عن رحلة العذاب لهذا الوطن عبر الاحكام المختلفة وعقلية حكامها مسيريها هو أين ذهبت مئات ملايير الدولارات التي وصلت أيد حكام هذا الوطن الذي استمر فقيرا متخلفا مريضا جاهلا مثلما كان وفي بعض النواحي أكثر مما كان ؟؟ !!
فأين ذهبت عشرات الملاييرمن الدولارات التي تلقاها الحكام المختلفة من معونات وهبات من الدول العربية ؟ وأين ذهبت ملايير القروض الميسرة وغير الميسرة عربية وأوربية ؟ واين ذهبت دخولنا  شديدة التنوع، من الصيد  رغم سوء السياسات  وسوء الإهمال والهدر وضعف المراقبة والصيانة؟  وأين دخولنا كل هؤلاء السنوات ال٧٠ من المعادن المختلفة ؟ وكم ضاع من معادننا في فوضى البحث عن المناجم من طرف فئات  متمرسة بالغش والأحتيال ووجدت الباب واسعا مع طرف أهله غائبون  لايسمعون ولايهتمون ؟!
إننا مالم نعرف ماذا جرى لدخولنا من كل المصادر ومنها معادن الحديد ، الذي تم استغلال كميات منها تكفي لتحويل بلدنا إلى بلد متقدم كسنغفورة أوماليزيا  إذا  أحسن استغلاله ؛ الشيء الذي لم يتحقق منه شيء ابدا ، وكم حجم القروض والهبات التي تلقاها البلد  من المصادر العربية والأوربية ومن مختلف صناديق المال الدولية وكان يمكن بواسطة هذا الفق من  الأموال تحقيق تغييرات واسعة لتصنيع البلد وتحديثه وتطويره في مجالات مختلفة منها الزراعة وتوفير الماء الشروب ، وتأسيس بنى تحتية ، من طرق ومرافق وصرف صحي في مختلف  المدن ؛ وغني عن القول أن كل ذلك لم يتم  منه شيء وإن نظرة  للواقع تعطى الأنطباع بأن هذ البلد لم يملك يوما  أموالا طائلة قادرة على تغيير وجهه نهائيا لو استعملت بشكل صحيح لكنها ذهبت وتبخرت ضحية الفساد الذي لايبقي ولايذر،  وبدى لمن ينظر إلي البلد اليوم يحسبه لم يشهد في تاريخه إلا القحط وسنين الجفاف المهلكة  !!


آننا في  السبعين سنة التي مضت علينا ونحن دولة  مستقلة  لايمكن وجود آثار في الواقع تدل على أن عشرات آلاف الملايير من الدولارات  دخلت خزينة وبنوك  هذه البلاد عن طريق كل ما سبق  وذكرنا من استغلال للثروات  ومن تلقي للهبات والقروض متنوعة الشروط والآجال وكثير منها قروض ميسرة وهادفة لدعم النمووذهبت كلهاوتبخرت تاركة مكانها فراغا في فراغ، فكل هذه الأموال ذات المصادر المتنوعة ضاعت واختفت  دون أن تترك مكانها مايدل على انها قد وجدت أصلا فلا يستطيع أحد اليوم  إبراز مايدل أن يد سلطات هذ البلدالتى لاتحسن  سوى الهدم والإفساد قد دخلتها أموالا طائلة وضيعتها أشر تضييع !!


إن هذ الواقع المخزى  نجم عن مشكلة سببها اعوجاجا مترسخا في عقليتنا..
إن بلدا انجب فطاحل العلماء والعباقرة ألذين بلغو من التبحر في العلوم وعمق النظرة وقوة الذاكرة ماجعلهم كواكب تنير دروب المعارف في الشرق والغرب كا ابن التلاميد ومحمد الامين ولد اخطور ،و سيدى عبد الله بن الحاج ابراهيم ،والطاولة تطول لو اردنا ذكر جزء بسيط من عباقرة هذ البلد ..إن بلد إلاف العلماء والادباء والشعراء ، بدى أنه غير   مهيء للعصرنة ولمتطلبات إدارة و تسيير المال العام لتحقيق مصالح الشعب وتغيير الواقع من خلا ل تنمية للانسان وثقافته وعقله وصحته وتوفير مجال حياة توائم حاجاته وطموحه وآماله لمسايرت ركب الحضارة !!

إن مشاكلنا لاشك انهافي عقليتنا في نظرتنا لمجتمعنا وللواقع وفهمنا للحياة وكيف تكون الامور؛  فمالم نستطع التفوق على نفوسنا وتغيير عقليتنا فلن نصحح الرؤية ونقوم المسار وسنظل غير  قادرين على أي  شيء غير انتظار أسوئ العواقب ؛ إننا بعقليتنا التي لاتقبل المساواة والعدالة وأحكام العزيز الجبار، الذي  بحكمته جعل أكرمنا أتقانا ( إن أكركمكم عند الله أتقاكم ) روسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يقول : لافضل لعربي على عجمي و لا لأبيض على أسود .إن العقلية التي نتحلى بها لاتنسجم وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف فالرسول صل الله عليه وسلم عندما لمس تمرا ووجد فيه بللا قال “الغاش ليس منا” وتجارنا فرضوا على صناع الصين وتركيا وغيرهما الغش في البضائع وتغييرجودتها حتى نشتريهاباسعار اخفض !! وملأ هؤلاء التجار  أسوقنا بالمزور وبالسيء من  جميع البضائع !! وهم  الذين ملؤو صيدلياتنا بالأدوية المزورة وكثير ممن يمارسون هذ الغش والتزوير للأدوية والبضائع المختلفة ممن يظهرون التدين والتمظهر بالمظهر الإسلامي رغم تناقض ذلك وسلوكهم؛ ،و ترى تفشي الكذب  وقلة الصدق في حديثنا و رسولنا صل الله عليه وسلم يقول :”الكاذب ليس منا” ،وترى الكثيرين نستحلون  المال العام للدولة وأحيانا كل  مال أمكنهم الأستلاء عليه ورسولنا صل الله عليه يقول “لاصلاة بلا طهور ولاصدقة من غلول” ،ويقول صل الله عليه وسلم لمن أخذ شملة من الغنيمة ( قطعة صغيرة من لباس) وهو سقط صريعا في الجهاد والجميع يحسبونه شهيدا والرسول يقول أنه في النار بسبب تلك الشملة!!،إننا في كل تصرفاتنا نعلن عدم التزامنا بتعاليم ديننا والأمثلة كثيرة كثيرةجدا !! 

فإذا أردنا علاج مابنا فلنعلم ان الإسلام هو الصدق والنقاء والنظافة والامانة والعفاف فمالم نتصف بصفاته فليس لنا منه إلا ادعاء إسمه أما روحه وجوهره وحقيقته ففي تصحيح المعاملات ولزوم جانب الحق والابتعاد عن الخديعة والمكر والغش فتلك أخلاق المغضوب عليهم والضالين لا أخلاق اتباع سيد الاولين والآخرين.. جعلنا الله ممن علم فعمل بماعلم واشتهد فسدده الله( والتق الله ويعلمكم الله)
التراد بن سيدى

أخبار ذات صلة

من لايؤمن بالمساواة وإنهاء التراتبية لاينتظر منه شيء !!!/ التراد ولد سيدي

Bilal Aly

مكافحة البذخ يتطلب تغييرا كبيرا!! / التراد ولد سيدي

Bilal Aly

هل توقظنا  غزة من نومة أصحاب الكهف التي ننامها؟!/ التراد ولد سيدي

Bilal Aly

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية