الريادة / إذا بلغ الرأي المشورة فاستعـــن ***بحزم نصيح أو نصيحة حازم
ولا تحسب الشورى عليك غضاضــة***فــــريــــش الخوافي قوة للقوادم
يتساءل الناس كثيرا عن مصير رابطة العلماء ومآلات تركتها؛ وكيف استحالت إلى هيئة علماء؛ وماذا بعد؟ ومن هم العلماء الذين يديرون الهيئة الجديدة ؟ وماذا قدموا للساحة من تصورات طموحة تناسب حجم الحدث؟ وماذا أفاضوا على الملإ من فيوضات علمية ونفحات روحية ؟ وفيما أنفقت المبالغ المعتبرة التي أجريت عليهم من خزينة الدولة؟ وما مصير العالقين من أصحاب الحقوق؟ وماذا تحسن؟ وماذا لا؟ ولم ؟ ؛ التساؤلات كثيرة والمعلومات شحيحة .
ما لا يختلف فيه اثنان هو أن هناك مستوى كبيرا من السخط بين صفوف المهتمين بهذا الموضوع، وكثيرا من العالقين المحبطين من أصحاب الحقوق، وكثيرا من الروايات والروايات المضادة، وكثيرا من الوعود الفارغة، والالتزامات الواهية، هذه الملاحظات متواترة لا يكاد يخالف فيها أحد ؛ ولا يزال الغموض والحيرة يتملكان الجميع من حقيقة ما جرى ويجري . أي طامة هذه ؟
يقول الساخطون إن أثاث رابطة العلماء نقل تحت جنح الظلام ليلا وأقبر في مكان مجهول وضرب دونه حجاب صفيق من التعتيم وأطلق على ذلك المكان اسم هيئة العلماء؛ والحال أن لا رابطة للعلماء بذلك المكان ولا هيئة لهم به؛ فلا أحد من المراجعين وأصحاب الحقوق يستطيع الظفر بخبر ولا حق من هناك .
والواقع أن ملابسات الرحيل هي الأخرى أثارت بعض التساؤلات واللغط حيث تمت ليلا وفي عطلة الأسبوع ودون علم بعض الشركاء من أصحاب المكاتب حيث اشتكوا تغييبهم وفتح مكاتبهم دون علمهم ما ترتب عليه ضياع بعض أغراضهم؛ بيد أن العمارة التي تحولوا منها كانت تضم سبعة عشر مكتبا أو أكثر بأحلاسها وأقتابها بينما لا تسع الأخيرة إلا لثمانية مكاتب ؛ والمفروض أن تكون الهيئة أكبر من أختها ما يعنى الحاجة إلى مكاتب أكثر. علما بأن الإيجار الشهري للأولى لا يبلغ 60% من إيجار الثانية لحكمة ما علمها من علمها…
ورغم كل هذه التطورات المريبة، فلا أحد يتحمل المسؤولية عنها؛ ناهيك بما قد يترتب على هذا الرحيل المرتجل من تداعيات الله أعلم بها .
وببساطة مشوبة بغمز يقول البعض لابأس؛ إنما هذه مرحلة محاق عابرة عسى أن تسفر عن هلال خير ورشد ؛ وذلك على الله يسير .
ويذهب آخرون ممن لهم غيرة على الهوية وتحمس لإنجاز شيء ما يحفظ بعض الاعتبار لمؤسسة تتدثر بعباءة العلماء الموريتانيين، وتلوذ بحرمتهم، أن هذا الوضع مزر ولا صبر عليه وأن على معالى وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي أن يبادر بانتشال هذه الهيئة من مخالب أولئك المتغولين عليها والخانسين فيها وراء الكواليس والمتآمرين معهم ولا يكلف تحييد الجميع وبطريقة احترافية سلسة سوى الانفتاح على الساحة العلمية الوطنية أكثر وإشراكها في الرأي والاستفادة من خبرات وتجارب الشخصيات العلمية والدعوية الموجودة فيها والتي كان لها بالغ الأثر في نمو وتطور المشهد الإسلامي والثقافي عموما في البلد ويستثمر مالها من رصيد مشهود في الدعوة إلى الله تعالى وشهرة في العلم والتعليم والفتوى وتجربة إدارية تراكمية ثرية في إدارة القطاعات الوزارية والدبلماسية والمؤسسات العلمية الجامعية والثقافية والخيرية ، والمؤتمرات والندوات الوطنية والدولية أضف إلى ذلك عامل السن والتجارب الشخصية الاجتماعية والفكرية والسياسية ؛ ما يخولهم الحنكة والروية والكفاءة اللازمة لحسن تشخيص وتكييف وتقدير أولويات البلد وتقييم المعطيات الظرفية الوطنية والإقليمية والدولية وما تقتضيه من مبادرات وموازنات؟ وهم لاشك رهن الإشارة بحكم ما قدموا من تضحيات في الماضي من تلقاء أنفسهم حسبة عند الله لا يبتغون به جزاء ولا شكورا من غيره ؛ وما أثمرته تضحياتهم تلك من مزايا عم نفعها البلاد والعباد؛ عندها فقط تكون لدينا هيئة أو رابطة علماء موريتانيين سمها ما شئت فلا مشاحة في الاصطلاح المهم أن تكون جديرة بشرف هذا اللقب ؛ فالعبرة بالماهية وحسن الأداء لا بالعناوين البراقة إذا كانت جوفاء يتبضع بها بعض المتحايلين المنتفعين من منتحلي الصفة.
يتساءل البعض أي مصلحة و أي حكمة في تحجيم هيئة للعماء تنفق عليها الدولة مئات الملايين سنويا واختزالها في مكتب مداومة مثخن بسوابق شبه فساد مدوية كانت السبب في إفلاس رابطة العلماء (( فهل من مدكر))
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم……………………….
( إن من الشعر لحكمة) وفي مسلم( إن من الشعر حكمة) حديث متفق عليه.
ولا منطق لتجاهل ثروة العلماء هذه الموجود لدينا، ولا حكمة في تحييدهم، ولا شبهة في التعامل معهم لاسيما في ظل الانفتاح بل الإجماع الذي يمثل سمة المرحلة، بل يظل تفعيلهم مطلبا ملحا تقتضيه حاجة أي عمل جاد وبناء في هذا المقام .
ألا يمثل هؤلاء ثروة نادرة يحسب لها حسابها وهي ما بقيت جديرة بصدارة المشهد ؟ أليسوا أساتذة الجميع ؟
أليس الأولى أن ينتدب السيد الوزير تلك النخب لإعداد تصور نظري قانوني قابل للتطبيق يكون بحجم التحدي؛ وسمعة البلد ومقام علماء شنقيط؟ وهم بمتطلبات ذلك أدرى.
أليس الأولى بهؤلاء أن يشكلوا المجلس الأعلى للهيئة من بين صفوفهم ليمثل مظلة معنوية ومرجعية علمية وتشريعية لها؟
وأن يختاروا من بينهم رئيسا تنفيذيا أو مجلسا رئاسيا مصغرا لها تكون رئاسته دولة بينهم تجنبا للاستبداد واحتكار السلطة؟
وأن يختاروا لها مكتبا تنفيذيا مؤهلا يتسم أفراده بالحماس والمصداقية والإخلاص ويتطلعون إلى إعادة بناء أمجاد الأمة بالحسنى ؟
و يباشرروا تفعيل وترميم المكاتب والمنسقيات الجهوية بمن يخدمون أهداف المؤسسة ونبل وشمول رسالتها؟
ويصدروا توصيات وتوجيهات قوية وصارمة وذات دلالة بالعمل عن كثب على إعلاء مبدأ التطوع والاحتساب في الأنشطة ذات الطابع العلمي والدعوي والديني عموما، وتثمين قيم الزهد والقناعة والترفع عن مظان الشبهات المادية وغيرها تأسيا بمنهج سلف الأمة ورغبة فيما عند الله ؟
ويتساءل آخرون ماذا عن اتحاد الأئمة الموريتانيين هو الآخر ؟ و ماذا عن حظ مسماه من اسمه؟
هذه المؤسسات الوازنة اسما لما ترمز له من قدسية متجذرة في وجدان الامة، وتمنحها الدولة موارد مالية تشجيعية معتبرة تحتاج إلى مراجعة موضوعية دائمة جادة ومنصفة، وتمحيص دقيق من طرف خبراء أمناء يحملون هم الأمة ويجسدون هويتها لوضع الأمور في نصابها((ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حيي عن وبينة )) وحتى لا تؤتى هذه الأمة من مأمنها ، ولا ينبغي بحال أن تترك الامور لحالها فوراء الاكمة ما وراءها وقد طالتها العشرية بنهم و كانت أسرع بها من غيرها (( فالله خير حفظا وهو أرحم الراحمين )).