الريادة

التراد بن سيدي: يكتب….المتعلمون في موريتانيا  جزء من المشكلة وليسوا جزءا من الحل!!!

 من أغرب الأمور أن يكون لدينا  الآلاف المؤلفة من العلماء الموسوعيين ومن أنواع المثقفين و الأدباء و الشعراء المبدعين وكبار الكتاب والصحفيين المبرزين وذو  الشهرة  اللامعين، ومثلهم من الساسة و القادة  والمناضلين وجيوش مجيشة من الخطباء  والدعاة

 المرموقين وببساطة  إن لدينا ما لدى  غيرنا من دول  العالم حولنا  من المتعلمين بأشكالهم وصنوفهم وتنوعاتهم غير أننا نتميز عن العالم – ربما كله – بأن    المتعلمين لدينا  لايختلفون في شيء  عن الجهلاء  والمغفلين، وأكبر دليل على ذلك أنهم يمارسون حياتهم بكل طبيعية صعودا ونزولا قياما وقعودا  لايشغلهم ولا يهمهم مايعاني مجتمعهم  من التفكك  والتناقض ونمو أسباب الفرقة  والفتنة والصراع  والتشتت فيه ، نتيجة  عدم علاج  مخلفات  ماضي  الرق  الذي كان سائدا ولم  يرافق بدء تصفيته إجراءات جذرية  وحاسمة  لإنهاءه وعلاج  مخلفاته من أمور كثيرة كانت ترتبط  بوجوده كالفقر والتبعية للأسياد وكالمساواة في ملكية الأراضي وكنيل المكانة الاجتماعية التي للأحرار في المجتمع، فاستمرار من كانوا ارقاء في مستوى جتماعي أقل من إخوتهم داخل المكونات التي كانت تستعبدهم تترك تصدعات في المجتمع قابلة للتوسع والتفاقم ،فكيف أمكن أن لايهتم المتعلمون بصنوفهم وأشكالهم التي ذكرنا بالموضوع وكيف أمكنهم أن يعيشوا مع باق المجتمع الجاهل المتخلف غير مهتمين بالموضوع وأغلبيتهم لا  تعطيه أي اهتمام رغم تفاقم  نتائجه ومظاهر للحراك الذي يستخدم الموضوع مبررا ووسيلة للتميز والزهو ؟!

وإذا أضفنا إلى مشكلة مخلفات الرق وعدم احتلال أبناء من كانوا أرقاء لمكانتهم ونيلهم لفرصهم في المساواة مع غيرهم، إذا اضفنا إلى مشكلتهم مشكلة الفئات التي تسمى المعلمين( الصناع التقليدين ) وإغاون(المطربين) وآزناغ ( فئة تشتغل بالحياة اليومية منمين ومزارعين، لاتحسب من حسان او الزوايا) واعتبار المجتمع  هذه الفئات في مرتبة  متدنية بسبب  أنهم كانوا يمارسون  مهام في المجتمع غير  تدريس العلم وحمل  السلاح و بسبب مهن وحرف كانوا يمارسونها رتبهم المجتمع القديم في رتبة متدنية بلا مبرر ،فقبول الفئات المتعلمة في المجتمع الموريتاني تؤكد تماهي وتساوي  المتعلمين  في المجتمع  مع عامة  المتخلفين من الجهلة والأميين !!!

ومن مظاهر غرابة مواقف المتعلمين والقوى التي ذكرنا  علماء وأدباء وشعراء وكتاب وسياسيين وغيرهم قبولهم لما ذكرنا من مواقف نجمت عن عقلية التخلف ورواسب مجتمع البداوة  وإن سكوتهم  وموافقتهم ومجاراتهم لسلوكيات  وأعمال المجتمع  المتخلف تلك المواقف التي تشكل خطرا على البلاد  هو الذي جعل  الحكومات المختلفة  تسير الأمور بالشكل البدائي الذي يرضي المجتمع المتخلف الذي من ضمنه أكثرية هذا الطيف الواسع من العلماء والمثقفين من مختلف التخصصات والمستويات ..

وليس هذا فقط هو كلما يؤخذ على المتعلمين في وطننا  موريتانيا  وإنما  هذا يمثل جزءا ضئيلا من صنوف التقصير ، فإن كلما  نشكوا منه من سوء التسيير  وصنوف الفساد بمختلف أشكاله  وميادينه للمثقفين فيها أياد طويلة  فقد تفننوا وتشعبت أدوارهم  بين ممارس للفساد ومتعاون مع الفاسدين  ومتحالف وبين  باحث عن دور لايتورع  عن مستوى سوئه وقبحه ،ولا يمنعه من الأنخراط في لعبة الفساد إلا وجود الفرصة التي لا يألو  جهدا  في البحث عنها وانتهازها  والمشاركة فيها ..

إن حقائق واقع المتعلمين في مورريتانيا من العلماء والمثقفين والأطباء والمهندسين وحتى المعلمين وصغار  الموظفين انهم أدوات للأنظمة التي تحكم الشعب بالخداع والتضليل والأكاذيب، وأنهم شركاء في تسيير الثروة بأقبح أشكال الفساد والنهب والهدر والتبديد، إن المتعلمين مهما كانت خلفياتهم الفكرية بدل أن يكونوا أدوات تنوير وتصحيح وتسديد وترشيد، جعلوا أنفسهم  أدوات للأنظمة في الحكومات المختلفة فهم مسؤولوا  الإعلام والدعاية الكاذبة وهم قادة الحزب  الحاكم وهم أدوات التزوير والتضليل  ،فترى من يدعون  النضال في  الحركات السياسية وقادتها  و أحيانا بعض قادتهم   يتسابقون بحماس لنيل ثقة الحكام وخدمة  لصوص المال  العام  في الأنظمة الفاسدة دون حياء ودون لف  ودوران، و يستمرون  يدعون تعلقهم بمنطلقاتهم الفكرية ومبادئهم الثورية وإلإنسانية، ويتحدثون كذبا وزورا بأنهم متعقلون بفلان وفلان  من قادة الماضي ورموز السياسة والنضال!!!

وإن من أغرب ما يواجه من يحاول فهم ما يجري في هذا البلد اصطدامه بحقيقة سلبية مفرطة لمتعلمي هذا  البلد حيث سيجدهم من جهة  مشتركين  في ترسيخ العقليات  المتخلفة التي تحارب  العدالة  والمساواة ،ومن جهة أخرى يشتركون في فساد  تدبير الشأن العام فالقوة  المتعلمة هي آلة الفساد  الرئيسية التي تعتمد عليها  كل السلطات، فهي أداة التضليل وترسيخ مختلف  السلوكيات المقيدة والمعطلة والمثبطة لتصحيح  الرؤى وبث الوعي  بضرورة إنهاء العطالة والبطالة التي تمنع وتحول دون تحقيق العدالة والمساواة  وبدأ خطوات تؤسس للتطور والتقدم وتخفيف ثم إنهاء الفقر والجهل والمرض وتوفير شروط الحياة السعيدة والحقيقة التي لا مراء فيها أن فئاتنا المثقفة والمتعلمة ليست في سلوكها ودورها إلا جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحلول وليست على أية حال بأفضل وأرقى ولا أنظف وأعف وأنقى من باقي الفئات الجاهلة والمتخلفة !!!

التراد بن سيدي

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية