الريادة

العشرية وتجارب الفساد العجيبة !!!/ التراد سيدي

التراد ولد سيدي
التراد ولد سيدي


لقد كانت لي علاقات قديمة بولد عبد العزيز،تسببت لي   بعلاقات قصيرة جمعتني به في أول مراحله في السلطة لكنني بحمد الله  لم أستمر  مخدوعا ولا واهما اتجاه طفيلية ولا نضج نظامه ورغم أهمية رأي رفيقي ولد بريد الليل الذي كان يدعمه في المرحلة التي ابتعدت عنهم فيها فلم أستطع قبول استمرار علاقاتي بهم جميعا رغم ماشكل لي ذلك من ألم  ومن خسارة عدد كبير  من الأصحاب الذين كنت ارتاح للعمل معهم !!!


هذا الموقف يعرفه الكثيرون والذين حاول بعضهم ثنيي عن موقفي بالابتعاد عن ذلك الأتجاه الذي اتخذت في ذلك الوقت، ويسرني أنهم موجودين  اليوم و قادرين على قراءة هذا المكتوب لله الحمد ..
لقد سلمت – بحول الله وقوته –  مما وقع للكثيرين الذين انخدعوا بسيول الدعاية وبهرج القول والكلام المعسول ، والشعارات البراقة  ، لقد توضح لي شخصيا في وقت مبكر ، بعد ثلاثة شهور تقريبا من الأنقلاب أن ولد عبد العزيز لا يملك توجها وبرنامجا واضحا لعلاج الأوضاع ولا سياسة اجتماعية واقتصادية تناسب حاجات البلد،فلم ألمس غايات محددة يمكن الوثوق بها في توجهه ومع عدم انتظارنا من ولد عبد العزيز تغييرا يخدم البلد ولا سياسات تنموية وبيئية تعالج التخلف ؛ لكننا أيضا لم نتوقع أن يبلغ من الشره وشهوة التملك والتمول درجة تقربه من الجنون أو على الأقل السذاجة الشديدة وعدم التوازن.
لقد كنا ندرك أن التصرفات التي نرى من نظام ولد عبد العزيز تتسم بالكثير من الفجاجة والسطحية والغرابة أحيانا مثل بعض الصفقات كبناء المطار ومشاريع كثيرة كان واضحا نقص الدراسة لها والإعداد الجيد  ،وكنا نرى بعض المقربين من النظام  يتطورون  ماليا بسرعة، ورأيناهم يتقدمون في النفوذ ،لكننا لم نكن نتصور وصول النظام إلى المستوى الذي كشفته  المعلومات التي سربها التحقيق القضائي المتعلق بتهم الفساد لنظام ولد عبد العزيز في عشريته العجيبة !!
لقد علمنا أن عشرية التصفيق وادعاء مكافحة الفساد ورئاسة الفقراء وبناء الوطن؛ تضمنت أمورا أخرى غير مألوفة، جعلتنا عند الأطلاع عليها عاجزين عن الكلام بل عاجزين عن التفكير وعاجزين حتى عن التنفس ، نحن مذهولين من حال رئيسنا الذي  كان بعضنا  يريده ملكا والبعض يريده أكثر من  ذلك ، لقد رأينا كيف كنا نحكم من رئيس لايعنيه شيء غير الجمع والتملك؛  وكيف كنا نتراقص كالقرود  ونتصايح كالحيوانات نمجد ونتغنى بمآثر شخص انتخبناه مرتين واعطاه بعضنا مستوى يقترب من الالوهية وهو في مستوى من الضعف والغرابة تعجز الكلمات عن وصفه!!
لقد تأكدنا من حقيقة أننا  شعب يقوده من يشاء تستوي عندنا اللصوصية والبراءة النظافة والقذارة لايهمنا من يحكم من دب وهب يتحكم فينا عملاء تافهين حقيرين لايدركون معنى وجودهم كبشر، أن لم يكن لحكامنا حظ من النبل و الحصافة ألا يكون لهم حظ من الإحساس بالوجود كبشر لهم إحساس ولهم عواطف  ولهم شيء يدل على أنهم أحياء يتحركون وعلى ارجلهم يدبون وبايديهم يبطشون، إن نهم وجشع وقحة وسفه ولامبالات وعنجهية قيادة هذه المرحلة تجاوز وتفوق على أسوئ مراحل الفساد التي بدأت تطل برأسها مع بداية كارثة حرب الصحراء،١٩٧٥-١٩٧٨ لقد كان عهد ولد داداه عهد الحكمة  والنزاهة لكن حرب الصحراء أحدثت فسادا في شراء الأسلحة وفي تسيير مقدرات الحرب . واستمرت أساليب الفساد تصعد وتهبط حتى استقرت واستوت وأخذت حجمها الكامل في عهد ولد الطائع الذي برغم فتحه ابواب الفساد على مصارعه لأعوانه وحاشيته وانصاره الذين تفننوا في اختلاس المال العام وتبديد المقدرات؛ برغم ذلك فإن معاوية نفسه حافظ على نظافة يده فلم يشترك أبدا في نهب المال العام ولم يسعى للجمع والتملك !!
وقد تم في عهد معاوية إقامة بنوك بملايير الأوقية وتم تصفيتها وتركت أموالها التي أقرضت لعشرات المستفيدين بقت ثروة صافية لهم بلا تعب او نصب،  و تم تصفية شركات كثيرة  وممتلكات للدولة منها شركة النقل العام مثلا ، وحولت بمبالغ رمزية لشخوص وأفراد كثيرين؛ وتم التلاعب في قطاع الصيد الذي كان نهبه من طرف الاساطيل الأجنبية كبيرا فكانت مراقبته وحمايته من الضعف  والفساد بحيث شكلت عبئا إضافيا سهل تدمير القطاع .  و في نفس الفترة صارقطاع الصيد  بمثابة ثقب أسود يمتص كل شيء دون أقل فائدة فتم شراء عشرات قوارب الصبد بأموال طائلة ولم تفد ولم تبقى موجودة وذهبت الأموال سدى   ، ،وقد أضيف إلى قطاع الصيد في الفترة الأخيرة من عهد ولد الطائع التوجه للإقراض في مجال الزراعة وكانت تجربة أكثر فشلا وفسادا مما جرى في الصيد والعقارات،  وفي هذه الفترة لعبت  شركات الدولة سونلك وسونادير وسونمكس دورا بارزا في تضييع عشرات الملايير والتي كان أكثرها قروضا استمرت أعباؤها واعباء خدمتها تثقل كاهل البلد !!!
لقد جاء ولد عبد العزيز في نهاية مرحلة معاوية ،فأتم ما بدأته المراحل السابقة من تفسيد وتبديد غير ان ولد عبد العزيز لم يشأ أن يترك أعوانه يفعلون أفعالهم الشائنة كما فعل أسلافه  وإنما أراد الأحتفاظ بأكبر حجم من الأموال  وبناء أكبر قدر من المصانع ومن  المتنزهات ، والمشاريع المختلفة ؛ وصنوف الآلات والسيارات؛ ومن رؤوس الحيوانات، و قد قيض الله لولد عبد العزيز رفاقا رافقوه وكانو طوع يمينه  وتفوقوا عليه في كلما يتهم به فكانوا أدواته الطيعة فلم يعتبرو شيئا  سيئا ولا  دنيا ولا حقيرا  و عملوا معه بذل وطواعية كأدوات للنظام وسلطاته التي تحكم بها في المال والبلاد والعباد!!!
التراد بن سيدي

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية