كما تطلق الحكومة حملاتها عادة بترقيع الطرق وتقسيم حصص من السمك، فقد انخرطت بعض القوى السياسية في حملة سابقة لأوناهها سلاحها التعدي على الشرعية وتسجيلات الكراهية.
هكذا بدأ معسكر المرشحين الطامحين لاعتلاء كرسي الرئاسة أو الركوب عليه كما حسب تعبير المرشح بيرام ولد اعبيدي، ويسعى ومنافسه سيدي محمد ولد ببكر في التحضير المبكر لرئاسيات 2024 وما سيتبلور قبلها عبر صناديق الاقتراع خلال الانتخابات الجهوية والبلدية والبرلمانية على بعد سنة من الآن.
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين وبالتزامن مع جولة رئيس حزب الرك _قيد الترخيص- تبدت ملامح هذه الحملة المبكرة من خلال عدة مؤشرات ، حيث لم تصدر عن المرشح السابق للرئاسيات بيرام ولد اعبيدي أية إدانة لتسجيلات تمس من شرائح وطنية موريتانية بوصفه مناضل حقوقي بزغ نجمه عبر الملف الحقوقي خلال خرجاته الإعلامية في عدة ولايات، والتي يقدم نفسه عبر تلك المنابر على انه مناضل حقوقي قبل أي شيء، فهل هو حقوقي لوني فقط كما يتساءل متابعون؟
يحدث كل هذا مع ظهور احد أبناء صديق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المتهم بقضايا فساد مالي رفقة بيرام حيث ظهر وهو يلقنه كلمات في إحدى خرجاته، وهو ما يعيد للأذهان تساؤلات حول كون الحقوقي بيرام من صناعة نظام الرئيس السابق الذي يدفع به من أجل احتماء شريحة ترى نفسها مستهدفةج بالسلطة.
حيث صدرت مؤخرا تسجيلات لبث الكراهية بين فئات الشعب الموريتاني عبر وسائط التواصل الاجتماعي، ولم تتأخر الشرطة في توقيفهم وإحالتهم للعدالة، قد يرى المتابعون أنه هذه التسجيلات تأتي في إطار حملة انتخابية مبكرة زادها الأساسي بالنسبة للسيد بيرام هو العودة “للكناش” المتمثل في قاموسه المترع بمفردات تغذية الشعور بالكراهية بين فئات المجتمع وليس تسوية عادلة لملفات حقوقية موجودة حتى الساعة في أعرق ديمقراطيات العالم وليست قضية المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد ببعيدة.
وقد كان واضحا أن مهادنة بيرام لنظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وقوله بأنه وجد صديقه، لم تكن سوى لكسب الوقت وكسب بعض المال والوظائف، حيث أن بيرام لم تصدر منه أي تصريحا للإشادة ببرامج الحكومة لتهيئة حياة كريمة لفئات الشعب المغبونة وخاصة شريحة لحراطين التي حصلت على نصيب الأسد من هذه البرامج كتآزر وغيرهم وتم تشييد عشرات المرافق في القرى وآدواب التي تتواجد بها الشريحة بكثافة، كما تم تشغيل العديد من الشباب لمكافحة البطالة في صفوفهم، عوضا عن التأمين الصحي والتوزيعات النقدية المجانية وتخفيض المواد الأستهلاكية الأساسية.
ومن الجانب الآخر بدأت بيادق الآلة الإعلامية لبارون التبغ محمد ولد بوعماتو في الظهور، وليس خافيا أنه داعم أساسي لإعادة ترشيح سيدي محمد ولد ببكر للانتخابات الرئاسية رغم الخيبة التي تولدت لدى مناصريه من الخسارة المذلة التي حصدها ولد ببكر وحزب تواصل في رئاسيات 2019.
وبدأت أدوات إعلامية معروفة بأنها تخضع لسلطة بارون التبغ رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو المغضوب عليه من نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في إطلاق إشارات بأن راعيهم الأساسي ليس راضياً عن الرئيس المتسامح محمد ولد الشيخ الغزواني كما وصفه هو نفسه.
ومن الواضح أن عدم الرضا هذا لا يتعلق بمصالح الشعب الموريتاني وإنما بإعادة أموال مجمدة ومؤسسات تمت مضايقتها بسبب التهرب الضريبي كما تقول ملفات القضاء.
في إطار ذات الحملة تصدر من حين لآخر تدوينات عن جنرال الاحتياط لبات ولد المعيوف الداعم لمعسكر ولد ببكر يدعو خلال في كل مرة لاستقالة رئيس الجمهورية المنتخب، حتى تخلوا الساحة له من أجل تقديم مرشحه الخاسر سيدي محمد ولد ببكر كرجل المرحلة القادمة.
وقد اجتمع مؤخرا كتاب من “أصدقاء البارون” وتم بث لقطات جمعتهم مع الوزير الأول في عهد نظام الدكتاتور ولد الطائع، وليس خافياً أن الأخير يعد نفسه بدعم من بوعماتو لجولة اخرى بعد خسارته المذلة في 2019.
من الواضح أن الثورة الكلامية لبيرام – الذي سبق أن وصف غزواني بكل الأوصاف الجميلة- تعود لتحضيره المبكر للترشح للانتخابات الرئاسية لأنها قالها بصراحة “أنا هذا العبد أن ندور نركب عل كرسي الرئاسة” في لغته “لمجمبره” المعهودة، كما أنها للضغط من أجل ترخيص حزب الرك الشرائحي.
هكذا يشترك بيرام وولد ببكر في معارضة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من وراء “الأبواق” الإعلامية وتسجيلات الكراهية.