الريادة

موريتانيا: الجميع ينتظر نتائج مؤتمر الحزب الحاكم بعد إبعاد الرئيس السابق عنه

السبت والأحد يومان ينتظرهما الموريتانيون بفارغ الصبر، ففيهما سينعقد مؤتمر خاص لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، الذي يسيطر على غالبية أعضاء البرلمان، والذي يضم طيفا واسعا من زعماء القبائل وكبار السياسيين واللوبيات الخفية التابعة لجنرالات الجيش.
وسيشهد هذا المؤتمر، استكمالا لعملية إبعاد الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز عن الحزب الذي أسسه ليحكم به أثناء مأمورياته الرئاسية التي انتهت في آب/أغسطس الماضي، ثم ليمتطي صهوته متصدرا المشهد السياسي بعد مغادرته للسلطة.
وقد قوبل الفصل الثاني من خطة الرئيس السابق برفض شديد، حيث تبرأ منه نواب الحزب ومسؤولوه وقادته، وانفجرت بينه أزمة مع الرئيس الغزواني لا يزال جمرها حيا تحت رماد تهدئة مؤقتة.
ويتوقع أن يشهد المؤتمر قرارات تبعد الرئيس السابق ومقربيه من واجهة الحزب، وتسند مواقع الحزب الأمامية لمخلصين مقربين من الرئيس الحالي محمد الشيخ الغزواني.
كما يتوقع أن يغير المؤتمرون جلد الحزب وتسميته ليصبح تشكيلة سياسية أخرى لا علاقة لها بالرئيس السابق، الذي تحول حسب قائد في المعارضة الموريتانية “من رئيس مقدس إلى شخص منبوذ ليس له في أرض السياسة سوى أن يقول: لا مساس”.
ويستعد حزبان صغيران من معارضة الرئيس السابق هما حزب العهد الديموقراطي بقيادة الوزير الأول السابق يحيى ولد الوقف، وحزب التغيير الموريتاني برئاسة صالحة حننه للانضمام لحزب الاتحاد، وذلك ضمن موسم هجرة من جنوب المعارضة إلى شمال الموالاة.
وأعلنت لجنة تحضير مؤتمر حزب الاتحاد التي يشرف عليها رئيس الوزراء أمس “أن اللجان الثماني المحضرة لأعمال استئناف المؤتمر العادي الثاني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية أعمالها بإعداد مقترحات مشاريع وثائق سياسية وتنظيمية سيتم عرضها على المؤتمر لاتخاذ القرار الأنسب”.
وينشغل الرأي العام الموريتاني بساسته ومدونيه بانعقاد هذا المؤتمر، وبالوجهة التي سيتجه إليها أكبر الأحزاب السياسية وبالأشخاص الذين سيتولون قيادته.
وفي إطار هذا الانشغال، أكد محمد جميل منصور، القيادي الإسلامي البارز “أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية(يتداول على نطاق واسع أنه سيغير اسمه ويندمج معه غيره)، يستعد لاستئناف مؤتمره المعلق في سابقة غريبة ما قبل الرئاسيات الماضية، ومن المتوقع أن يتمخض هذا المؤتمر المستأنف عن هيكل حزبي ونصوص تعبر عن التوجهات التي أرادتها السلطات لهذا الحزب بعد تمكنها من تحييد الرئيس السابق وأبرز مقربيه”.
وقال: “ليست هناك مشكلة في أن يغير حزب ما توجهه أو بعضه، وليست هناك مشكلة في أن يندمج مع غيره أو يندمج معه غيره ولا إشكال في أن يتخذ ما أو من يشاء مرجعية أو منطلقا، ولكن المشكلة هي إعادة إنتاج حزب الدولة أو الحزب بالتعريف الذي لا يستحقه غيره”.
وأضاف ولد منصور: “على كل حال هناك أمور ثلاثة من شأنها أن تطمئننا أننا لسنا أمام حزب جديد للدولة، هي وضع حد واضح بين العام (الحكومة والإدارة ومؤسسات الدولة) وهذا الحزب قيادات ومسؤولين وعنوانا، بحيث يدرك الناس أنه حزب مثل بقية الأحزاب سياسيا وأن حقوق الناس ومصالحهم في الدولة ومؤسساتها لا ترتبط به تحصيلا ولا يكون مصيرها مع الأحزاب الأخرى منعا أو تضييعا”.
وزاد: “ثاني الأمور الثلاثة هو القطع الصارم مع تجيير الإدارة والمال العام لصالح هذا الحزب، بحيث لا توظف الوزارات والإدارات والمصالح العامة في أنشطته وحملاته، لا يعني ذلك منع قياداته وناشطيه ممن يتولون مسؤوليات عامة من العمل لحزبهم ولكن في غير وقت الدولة ودون استعمال وسائلها وعنوانها”.
“أما المال العام والوسائل العامة، يقول ولد منصور، فتوظيفها حزبيا مباشرة أو بصيغ التفافية من أكثر مظاهر الانحراف الديمقراطي خطرا على الشفافية وقاعدة تساوي الفرص، ومما يدخل في هذا الباب الضغط على رجال المال والأعمال باسم الدولة أن يدعموا هذا الحزب ولا يدعموا غيره، وهذا مدخل من مداخل الفساد، فالتاجر، وهو مهتم بالربح كاره للخسارة، إذا أعطى في غير حق سيأخذ مقابلا بغير حق”.
وقال: “ثالث الأمور أن يتطور الانفتاح السياسي ويتوسع، ليدرك المواطنون أن من مقتضيات الديمقراطية حرية الاختيار والانتماء، وأن الدولة ممثلة في رئيس الجمهورية تتعاطى مع الجميع وتلتقي مع الجميع، وأن الموالاة لا تعطي حظوة، وأن المعارضة لا تمنع منزلة، حينها سيتحسن فهم الناس للديمقراطية ويتطور تعاطيهم مع العمل الحزبي”.
وأضاف: “أدرك أنه في جو الارتياح للجو الجديد والتحرر من قيود القديم يتساهل الكثيرون مع بعض الأمور، ولكن الانتباه لازم والحذر مطلوب، فهذا الذي نعيشه حصاد حزب الدولة الذي ينتهي إلى دولة الحزب؛ فاحذروا وإياكم والتأسيس على الخطأ”.
والحقيقة أن مؤتمر حزب الاتحاد الثاني، والذي لم ينعقد منذ مؤتمره التأسيسي قبل عشر عشرات، سيتمخض عن واقع سياسي جديد ستعاد على إثره تشكيلة المشهد السياسي الموريتاني برمته في اتجاه المصالحة الوطنية التي يسعى الرئيس الغزواني لوضع أسسها عبر مشاورات يواصلها منذ وصوله للسلطة مع قادة المعارضة ومع الشخصيات المرجعية.
وإذا كانت معالم إعادة التشكل المرتقب في جانبها الخاص بالموالاة الجديدة قد اتضحت، فإن معالم الجانب الخاص منها بالمعارضة الجديدة لم يتضح لحد الآن.
المصدر: القدس العربي

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لتحسين خدمتنا. لمزيد من المعلومات طالع "سياسة الخصوصية" أوافق التفاصيل

سياسة الخصوصية